القائمة الرئيسية

الصفحات

عن سينما عاطف الطيب والواقعية الجديدة في السينما المصرية

 أوقات بيتم تصنيف الواقعية في السينما المصرية لفترتين، وبيتم تلقيبهم بالواقعية والواقعية الجديدة، نقاد استنكروا فصل الفترتين عن بعض ونقاد آخرين شافوا إن الواقعية الجديدة نقدر نلمس وجودها في سينما محمد خان وعاطف الطيب وداود عبد السيد وأسامة فوزي ورأفت الميهي ودي واقعية اختلفت عن سينما صلاح أبو سيف وهنري بركات وحسين كمال وكمال الشيخ... 


 اللي ميز الواقعية الجديدة كانت النزعة الحُلمية اللي بيشوبها حنين لزمن غطى عليه التراب زي ما بنشوف شخصية ميرفت أمين" منى" في زوجة رجل مهم وتمثُل البراءة فيها وفي حبها لعبد الحليم.. رومانسية من زمن انتهى وفات ولذلك فهي مَنسية وغير مناسبة للواقع المُعاش.. وكذلك كان فارس في الحريف بيحن لعبد الحليم وبيعاني مرارة النكسة والخسارة ولذلك ففارس شخصية وقفت عن الحلم وقررت تعيش الواقع بحقيقته المرة باستسلام تام واتفاق ضمني مع العالم بكونه دايمًا الطرف الخسران... 


  هروب دائم من الواقع وعدم الرغبة في الاصطدام بيه زي ما بنشوف عند سينما أسامة فوزي في فيلم زي عفاريت الأسفلت فجميع شخصياته في هروب دائم من الواقع عن طريق اشباع رغبات الجسد، مُخدر مؤقت لنسيان الألم.. جنة الشياطين ومحمود حميدة "طبل" اللي بيختار الهروب من الواقع عن طريق السخرية منه والسخط عليه في حياته ومن ثَم مماته، بيتعاطى مع الواقع بنفس درجة عبثه ومع الموت الحتمي بسخرية بتتجلى في ضِحكة.. بحب السيما والطفل نعيم اللي بيهرب من الدنيا للسينما وبيدوب في حبها..


ولذلك فمخرجين الواقعية الجديدة هما أبالسة، قدروا يسرقوا لحظات حلوة في الحياة ويتعاطوا مع الواقع بالطريقة اللي تليق بيه سواء بتقبله أو بالعبث والسخرية أو محاولتهم إنهم يخطفوا لحظات حلوة منه..


  يمكن عاطف الطيب كان الولد الأمهر في سرقة اللحظات الحلوة، في إنه يبصر وسط عتمة الواقع أمل عابر مضيء فيقرر يتشعلق فيه.. 


في الهروب أحمد زكي "مُنتصر" يقابل صباح، مخدر ينسيه الجحيم اللي هو دائم الهروب منه، ونيس يخفف من وطأ الحياة الأليم، صباح كمان بتشوف في منتصر ملجأ وتقوله "ابقى طل أنا وحدانية زيك"، منتصر وصباح بيلاقوا الملجأ المؤقت في عالم غير آمن وماكر..


 في قلب الليل وهو الفيلم المقتبس عن رواية لنجيب محفوظ بتحمل نفس الإسم ف نور الشريف "جعفر" بيدوق طعم الحرية في عالم هو مسلوب الإرادة فيه بعد التحرر من براثم جده، جعفر كان عايش في وهم الحرية لكنه عاشها في كل مرة كان بياخد خطوة التغير، وفي كل مرة يدرك بؤس الواقع وألم الاعتياد كان بيهرب للحظة جديدة يشعر فيها بذاته ووجوده.. 


أما الحب فوق هضبة الهرم فهو واقع لمجتمع بيبغض الحب، دائم المناداة بكبت المشاعر ودائم اللوم لكل حَالم، لكن بالرغم من السلطوية اللي بتهيمن على المجتمع ده ف"علي" بيلاقي الحب وسط مجتمع يشوبه الجمود ومملوء بالقيود..


وكذلك كان البريء "أحمد سبع الليل" في شعورة بنشوة الإنتصار ومليء بالفخر بعد قتله لأحد أعداء الوطن كما تم تلقينه، انتصار زائف ووهم كبير بالبطولة عابر بيعيشه سبع الليل ولكنه بيدرك بعدين الحقيقة المرة..


 كل مرة كان بيسرق فيها عاطف اللحظات الحلوة كان بيكون مدرك تمامًا كونها لا تغدو أكتر من مجرد لحظات وفي النهاية بيضطر يواجه الواقع الأليم وبيتقبل حقيقته وبيفكر نفسه بيها، ويمكن دي كانت السينما في نظر عاطف الطيب لحظات من حلم جميل بنخلقها بنفسنا وسط واقع مشوه وفاسد انعدمت فيه البراءة والقيم الصادقة..

 


في ذكرى ميلاد أحد رواد الواقعية أو كما لُقب بمخرج الغلابة، الشجاع الصادق..


 عاطف الطيب.

تعليقات