القائمة الرئيسية

الصفحات

ارقص وإن لم تزل جراحك مفتوحة

 " ارقص وإن لم تزل جراحك مفتوحة، ارقص وأنت حرُ تماماً "


الفن حُر، حر في كونه حاضر دايماً، ومفيش شيء يقدر يمنع الإنسان عن ممارسة الفن، ممارسة الفن مش بالضرورة تعني الإحترافية فيه أو دراسته بشكل أكاديمي، الإنسان ممكن يكون قاعد بيدندن مع نفسه كده في لحظات هدوء وبيخلق لحن وبيحبه، ممكن يكون ماشي في أي مكان ويلاقي بلاط مربعات فيحاول ميدوسش على الخطوط الفاصلة اللي مابين البلاط وبعضه فيلاقي نفسه بيرقص، لو وقف قدام مراية بيغير تعابير وشه وبيشوف شكله هيكون عامل إزاي فيلاقي نفسه بيمثل.. فالفن حاضر سواء البشر شافوا إنه هروب، شافوا إنه مجرد ترفيه أو إرتقاء بالروح أياً كان هو موجود ووجوده مريح للنفس وده لوحده يكفي.. 


أوقات كتير الإنسان بيعاني، ممكن يكون يملُك كل أساليب الراحة لكنه حاسس بنقص، فراغ مفيش حاجة بتسده، الفن إتوجد علشان يسد الفراغ ده ولو حتى للحظات معدودة ويهون على النفس.. 



 في فيلم باب الحديد بنشوف قناوي، الواد المريض المُتيم بحب هنومة، الناس بتعامله وحش، وحتى هنومة بتعامله وحش بعد ما حاول يوصلها اللي جواه، وفي مشهد جميل هنومة كانت بترقص فيه جوه القطر، بيراقبها قناوي من بره، بتديله هنومة إزازة كازوزة كمعاهدة صلح ما بينهم، قناوي في الأول بيتمنع لكنه بيتراضي بسرعة وبيبدأ يرقص مع هنومة والمزيكا شغالة والناس بتسقف والكل سعيد، قناوي للحظات بينسى بؤسه وعلته وينسى وجع قلبه اللي السبب فيه هنومة وبيعيش دقيقة بالعُمر كله...





أما في فيلم The travelling players 


بنشوف مجموعة من المؤديين، بيقدموا عروض تمثيل ومزيكا وبيغنوا، بعد ما بيحصل مشاكل سياسية في بلدهم بيضطروا يهاجروا منهم، مش معاهم فلوس ولا أكل ولا عارفين مصيرهم إيه.. وهما في طريقهم بيبدأوا يغنوا ويرقصوا ويتنططوا وكأنهم أسعد ناس في الوجود، مُتناسين إنهم مُفلسين ومُعدمين، بيصبروا نفسهم بكل اللي يملكوه وهو فنهم.. 




  Stroszek وفي 

لفيرنر هيرتزوج 


بنشوف إنسان غير سوي عقلياً، مُهمش، طباعه زي الأطفال، كان معاه أكورديون، مكانش بيعرف يعزف بيه وعزفه كان مُزعج للي حواليه بمجرد ما يبدأ، ستروشزيك كان زعلان، غاضب لكن اللي زيه ميملكوش إنهم يعبروا عن غضبهم، فبيخرج للشارع وبيقعد على كرسي وبيبدأ يعزف ويغني، غير أبه للناس ومش هامه هما إنطباعهم إيه أو هيشوفوه إزاي، كل اللي كان بيفكر فيه هو لحظات الهدوء والتجلي اللي بيعيشها مع مزيكته اللي بيشوفها أعذب مزيكا في الدنيا..



في فيلم limelight 

 وهو أكثر أفلام شابلن ذاتية، كان بيعبر شابلن عن نفسه وعن حياة الفنان بشكل عام بعد ما بيفني عمره في سبيل إسعاد الناس، شابلن بيقول إن الناس بتنسى اللي ضحكهم يا إما بيجي وقت وبيجي فنان غيره يكون عنده القدرة إنه يضحكهم أكتر، فكان بيوضح إن الفنان عبارة عن فترة وبتروح لحالها مهما كان مؤثر هيجي وقت والناس تنساه وهيفقد قدرته على إسعادهم، شابلن كفنان كان بينام يحلم بإنه لسه بيقدم عروض وبيضحك الناس وبيصحى من النوم حزين لإن ده مبقاش الواقع بتاعه، وكان كل همه إنه يقدم عرض من جديد ويلاقي القبول من الجماهير، شابلن كان بيوضح إن الفنان كل اللي مستنيه هو إنه يشوف تأثيره على الناس، بيقبل شابلن وصديقه كيتون إنهم يقدموا عرض أخير وبمبلغ زهيد، وبيطلعوا على المسرح وبيبدأوا بتقديم العرض الأخير وبعد انتهاءه شابلن بيقول إنه كان نفسه يكمل بس هو تعبان، والناس بتضحك ظناً منهم إنه بيقول نكته وبينتهي الفيلم بموت الفنان، وكأن اللي بيعيش حياته في سبيل الناس وفي سبيل سعادتهم مبيهتموش بحزنه وتعاسته بل بيهتموا بالصورة اللي رسمها وبس..


الفن هنا كان الأمنية الأخيرة قبل الموت، وبعد تحقيقه بيموت الفنان في سلام..  


الفن مهرب، مُطهر للروح، بينسي الهموم وممكن يكون أمل لصاحبه في الحياة.. جملة جميلة قالها محمد منير في حب الفن وفي حب الحرية وف حب الحياة.. 


"ترقص؟ ارقص.. غصب عني ارقص "

تم النشر بتاريخ 22 يوليو عام 2019


تعليقات