القائمة الرئيسية

الصفحات

الواقع كما يراه الميهي- سمك لبن تمر هندي

 


- سمك لبن تمر هندي (1988)

إخراج / رأفت الميهي


الميهي بيبدأ فيلمه بكسر الجدار الرابع وعلى لسان الممثلين بيتقال إن الفيلم ملوش قصة، وبيطلبوا من المشاهد إنه ميحاولش التفسير أو الفهم وكأنها إشارة مباشرة من الميهي بيطلب فيها من المُتلقي التركيز بشكل أكبر.. 


 -الشخصيات بتبدأ بتعريف نفسها للمشاهد وبيجي الدور على شخصية ملاك اللي بتجسد السلطات والحكومات وبيعترف إعتراف بسيط وهو إنه حمار.. أحمد طبيب بيطري أخوه وأبوه سافروا علشان الفلوس، بيرفض تلقيبه بلقلب سبانخ، بيحارب كل اللي حواليه رافضاً لقب سبانخ اللي لُقب بيه أخوه وكتير غيره وسبانخ هنا بتشير للإنسان معدوم الضمير والمُنصاع للسلطات، وأحمد كل حلمه يتجوز قداره البنت اللي بيحبها.. 


- أحمد وقدارة بيدخلوا المستشفى بحجة التمرد على السلطات والإرهاب.، أثناء رحلتهم بيشوفوا مشاهد غريبة منهم مشهد لأحد الدكاتره بيشيل راس أحد المرضى ولما بيسألوه ده ايه بيقولهم دي عملية تطهير كإشارة للممارسات المشبوهه اللي بتقوم بيها الحكومات والسلطات القمعية لغسيل عقول شعبها واللي بيطلقوا عليها عملية تطهير وكأن المخالف لسياسة الحكومات هو شخص موبوء والحكومات هي المخلص والمنقذ من الوباء ده وبالتالي مهمتهم هي تطهير العقول الشاذه عن المنظومة وعلى لسان احد الدكاتره  في المشهد اللي يليه بيقول " ماهو لو سبنا كل واحد يعمل زي ماهو عاوز المجتمع هيبوظ"

 توكيداً على فكرة عدم تقبل الحكومات للمعارضة الشعبية أو أي دعوى للتفكير حتى وللمرة التالتة على لسان الدكتور لكن المره دي بشكل صريح بيقول " إحنا مش هنغسلك مخك بس إحنا هنغسلك أعضاء جسمك كلها علشان تخرج مبسوط مع كل اللي حواليك ،متوافق مع المجتمع" هنا بيظهر توكيد النية والعزم في تحويل كل من له رأي مستقل ومدرك لفساد المنظومة إلى  فرد من أفراد القطيع المنساق بل وكمان متوافق وفي إنسجام معاهم... أحمد وقدارة بيصرخوا ب "لا" .. الدكتور بيلاحظ عدم استجابتهم للعملية وبيبدي إستغرابه من عدم انصياعهم لغسيل المخ وده بيثبت موقف أحمد وقدارة وثباتهم على رأيهم.. 


- في مشهد المواجهه ما بين أحمد والظابط ملاك أحمد بيقول إن اخوه سبانخ عارف انهم كذابين ومنافقين وعلشان كده هو كذاب زيهم لكن هو بيرفض يكون زيه وبيعلن مواجة السلطة وبيعلن تمرده بشكل صريح وهنا بتظهر ثورية أحمد وبتوصل لذروتها لإنه ببساطة ممكن يكون زي أخوه سبانخ لكنه بيرفض ... 


-بيعقب المشهد ده مشهد لقدارة يحيطها اتنين ملايكة واحد معاه شوال سيئات والتاني شنطة صغيره فيها ورقه مكتوب فيها عاشت في عصر الظابط ملاك.. 

 ودي إشارة من الميهي إن الظلم اللي بيعاني منه الشعوب تحت ايد أي ديكتاتور ممكن يكون ببساطة هو تأشيرتهم لدخول الجنة.. 


- لفت نظري الميهي في تصوره وتجسيده للجنة المختلف ممكن نقول عن أي تيمة ظهرت قبل كده وصورها على إنها كباريه يفصله بينه وبين المشرحة باب وحتى داخل الجنة السلطات مش حابه شعوبها ترتاح..  


- ملاك بيسحب أحمد خارج المشرحة مدعياً المعرفة لكل شيء في الحياة ولكن تناقض كبير بيظهر ما بين إدعاء ملاك للمعرفة وفي نفس الوقت ارتدائه نظارة شمس واللي بتدي دلالة إن مرتديها كفيف والتناقض هنا بيثبت جهل ملاك وبيؤكد عليه من تاني، ولا ينفك الميهي في كل مشهد من فيلمه في لطم وجه ملاك أو إثبات إنه حمار...


-أحمد مرتدي عبائة بيضاء، شعرة منسدل على كتفه وراكب حمار..  بيخطب في الناس وبيرشدهم للطريق القويم ولكن فجأة بيكتشف إنه بيتكلم مع مجموعة من الصم والبكم ، بيعرض عليه أحد الأشخاص إنه يكون تابع له وأحمد بدوره بيوافق إنه يكون له تابع.. بيروح مكان تاني وبيبدأ بيخطب في مجموعة تانية من الناس وبيتكلم عن العدل والظلم ولكنهم غير منتبهين ليه حتى.. 

 بيعرض عليه شخص تاني إنه يكون تابع له في رحلته وأحمد بدوره بيقبل،  في نفس الوقت بيحاكي المشهد مزيكا مصاحبة بأجراس كنيسة ويليه مشهد لأحمد وهو راكب الحمار بتاعه وبيتبعه مجموعة كبيرة من المهمشين وهو بدوره بيقودهم..  المشهد بيحاكي رحلة المسيح الثوري ومصاحبة الحواريين لُه لتخليص العالم من الظلم الواقع عليه.. 


- أحمد وقدارة بيتقتلوا وكفنهم بيكون علم منظمة الإنتربول اللي بتدعوا للسلم وتخليص العالم من الفساد وبيتوجدوا في مؤتمر بيتم تمجيدهم فيه كأبطال وفي نفس الوقت رئيس منظمة الإنتربول بيلقي خطاب يملؤه سيل من الشعارات والعبارات المضخمة ولكن محدش سامعه كل الموجودين بيطبلوا وبيرقصوا له وبس وبرغم عدم وعيهم أو سماعهم حتى للكلام اللي بيلقيه هما مستمرين في الرقص والتطبيل ويتوسط المشهد أحمد وقدارة بعد موتهم ويحيطهم شتى أنواع الإحتفالات.. 


- المشهد الأخير من الفيلم بيجسد وضع الإنسان المعاصر في المجتمع.. الإنسان المعاصر عبارة عن جسم إنسان لكنه بعقل حمار.. بيراقب من بعيد وضع المجتمع والانهيار اللي بيتعرضله لكنه مبيتكلمش، مبيفكرش وميملكش الإدراك حتى .. بيراقب في صمت ولا يملك سوى إنه يادوب يسقف..


كنت بتمنى الميهي ميلجأش للطرح المباشر أوقات كتير علشان قيمة التجربة تكون أكبر لكن ده ميقللش من اللي اتعمل أبداً ويظل الفيلم مغامرة جميلة.


تعليقات