عن افتتاحية تناغمات فيركمستر- بيلا تار

 

تعتبر افتتاحية فيلم تناغمات فيركمستر للمجري بيلا تار واحدة من أفضل الافتتاحيات السينمائية..

إن احتفالية تناغمات فيركميستر لا تقتصر على أنها مجرد محاولة للرقص أو التمرد على صاحب حانة بغيض..

تتبين ملامح شخصية يوناس من ذلك المشهد الافتتاحي فهو بدوره متمرد على السلطة الأبوية، المتجسدة في صاحب الحانة الذي يرفض رؤية جماليات العالم، فهو مادي وقمعي يكره الاختلاف ويكره الحالمين من هم أمثال يوناس..

تمهد افتتاحية بيلا تار لما سيكون عليه الخط السردي للفيلم، فيوناس يستمر في عزلته عن غيره من الناس حتى ينتهي به الأمر في مشفى للمجانين، كان ذلك حال يوناس من البدء عند طرده وخروجه من الحانة بعد محاولته لجعل من حوله في الحانة يرقصون، إن يوناس يرى أن تغيير العالم يقبع في رؤيته كصورة شعرية تختلط وتتوحد فيها معطيات الكون من نجوم وكواكب مع الإنسان وفي ذلك يكون تجلي الروح وبداية الطريق لفهم طبيعة الحياة وأسرارها، يتحلى يوناس بعيون كيشوتيه حالمة ترى أنها تستطيع تغير العالم ببساطة لكنها في المقابل لا تلتفت إلى العنصر البشري، المعادي للجمال بطبعه ولذلك فأي محاولة للتمرد على ذلك القبح تنتهي بصاحبها إلى النبذ وإلى الظلمة الحالكة كما كان حال يوناس بعد خروجه من الحانة، وكما كان حاله في النهاية أيضًا، هو لا يختلف عن بطل فيلم تاركوفسكي الأخير تضحية، فإيمانه بأن له القدرة على تخليص العالم ينتهي به إلى مشفى للمجانين، فهو مجنون آخر وحالم بالوهم.

- Werckmeister Harmonies (2000)

Dir/ Béla Tarr